كل التدخلات مقبولة إلا الشعوب.. فنحن أحرار فيها «نغسلها ونكويها»!
٤/٢/٢٠٠٨
بالطبع لابد للنظام الحاكم في مصر وأتباعه من حاملي الدفوف «وبالمثل في كل وطن عربي» أن يرفضوا ويعترضوا علي كل نقد لانتهاك الديمقراطية والحرية في أوطاننا.. سواء جاء النقد من البرلمان الأوروبي أو من جمعيات حقوق الإنسان العالمية، فليس هذا هو مضمون التراضي الودي بين أنظمة الحكم العربية وإسرائيل وأمريكا وأوروبا،
فمضمونه «أنا أسيب وانت تسيب»، أو بمعني آخر فنظام الحكم لا يري ولا يسمع ولا يتكلم، مادام لم يتطرق الأمر إلي أسلوب قمعه لشعبه هو.. فليقتلوا جنودنا الذين يحرسون حدودهم.. وليفرضوا علينا أن نمدهم بالغاز المدعم وبالحديد والأسمنت ليستخدموه في خنق أخوة لنا.. فلنرغم علي إشراكهم في إنتاجنا الصناعي بمقتضي اتفاقية الكويز..
فلنظل راضخين لإخلاء أغلب سيناء من قواتنا المسلحة بحجة احترام اتفاقيات لا تحترمها إسرائيل ولن تحترمها.. فلنظل راضين دون أدني اعتراض علي خريطة لإسرائيل في الكنيست من النيل إلي الفرات، فلنظل مطيعين لتعليمات رفض إعادة العلاقات مع إيران بذريعة أنهم أطلقوا اسم الإسلامبولي علي أحد شوارع طهران.
فليتدخلوا في منهاجنا التعليمية والدينية ولا اعتراض.. وليعترضوا حتي علي طريقة تخلصنا من الكلاب الضالة ونسارع بالاعتذار.. فليذبح الفلسطينيون والعراقيون والأفغان.. فلينهب العراق وليعدم صدام وليدمر جيشه أمناً وأماناً لإسرائيل.. فلتفتت العراق والسودان والصومال.. ولتلتهم فلسطين والجولان.. ولتدمر لبنان ولا يجد حسن نصرالله إلا النقد والاعتراض، ولنهرع إلي «أنابوليس» بمجرد أن يشار لنا، رغم إعلان الصهاينة من قبلها بيهودية الدولة والرفض لحدود ٦٧ ولعودة القدس ثم نعود منها لمشاهدة استكمال لمذابح الفلسطينيين
والتوسع في المستعمرات في القدس الشرقية والضفة وبعدها الأحضان مفتوحة لاستقبال أولمرت وبوش.. كل ما سبق فهو ليس تدخلاً في شؤوننا بل تطييباً وتدليلاً وتهشيكاً لنا أن نسعد منه وأن نرضي به.. أما بعد ذلك فعندما يأتي نقد لانتهاك الحريات واغتصاب لحقوق الإنسان، فهذا إخلال بالتراضي الضمني وتدخل خطير في شؤوننا الداخلية.. فالنظام الحاكم شعاره المرفوع «شعبي وأنا حر فيه: «أغسله.. أكويه.. أدبحه.. أشويه.. أنهبه.. أنفيه.. أنا حر فيه»،
لهذا فالتعرض للحق المطلق للحكام العرب فيما يفعلونه بشعوبهم وثروات الأوطان، فهو خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه، وأما فيما عدا ذلك فلتعفل إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا ما تريد، ولا شيء يهم. وكم كان يكون قوياً ورائعاً لو فوض الحكام العرب مندوبيهم في جامعة الدول العربية، لإصدار بيان مشترك موجه إلي بوش، وإلي أوروبا وأذنابهما، مضمونه: نحن حكام العرب نقر بوجود انتهاكات بشعة لحقوق الإنسان في دولنا، ونتعهد أمام شعوبنا بالقضاء علي هذه الانتهاكات فوراً،
ولكن من ناحية أخري فلترفعوا أيديكم عن شعوبنا وأوطاننا، ولتخلوا قواعدكم العسكرية من أراضينا وبحارنا ولا تحاولوا السيطرة علي أقدارنا وأوقفوا أبشع المجازر والانتهاكات التي ترتكبونها في عالمنا العربي والإسلامي، فلقد طفح الكيل، والمراجل تغلي داخل النفوس، وإذا انفجرت فالله وحده الذي يعلم إلي أين ستصل الأمور
جريدة المصرى اليوم